الاثنين، 20 أغسطس 2018

الانتقال من مشاريع الوقود الأحفوري الى مشاريع الطاقة المتجددة


  تعتبر الطاقة مصدر مهما في حياة الانسان، و لا يمكن الاستغناء عنها في وقتنا الحالي، فهناك نوعان من طاقة، طاقة متجددة، و طاقة غير متجددة.
  حيث تعتبر الطاقة الغير متجددة اكثر انتاجًا و تتمثل في الوقود الأحفوري، وذلك لسهولة استخراجه، و تصنيعه، و لكن  له اثار سلبية على البيئة حيث تسببت مصانع الوقود الاحفوري في  كثير من الاضرار على الوسط الطبيعي، و مناخ بسبب الانبعاثات الغازية السامة، و المواد الكيماوية المتسربة التي تصدر من المصانع تصنيع الوقود الأحفوري، مما جعل بعض المنظمات و الحكومات في نظر في هذه الموضوع من اجل حد من هذه الاضرار التي شكلت خطرا على المناخ  و طبيعة، و حياة الانسان، و تفكير في طاقة بديلة متجددة و صديقة للبيئة وللمناخ.
  تعد الجزائر من بين البلدان التي تعير اهتمامًا للطاقة المتجددة رغم انها من اكثر منتجي الوقود الأحفوري في العالم، و سبب الذي جعلها تفكر في انتاج طاقة متجددة هو اضرار التي تسببت فيها انبعاثات الغازية السامة على البيئة، و ثلوث الجو و تغيرات في مناخ و احتمال نفاذ النفط والغاز، حيث قررت الحكومة الجزائرية وضعت مشاريع الطاقة المتجددة عين الاعتبار، كما أقبل المسؤولون الجزائريون فعلا على إنجاز بعض المشاريع المتعلقة باستغلال طاقة شمسية لتزويد بعض القرى المعزولة بالكهرباء، وإنشاء محطة تجريبية لاِستغلال طاقة الرياح في تندوف جنوب البلاد ، كما أن أهم مشروع قامت بها الجزائر لحد الآن هو مشروع مزدوج للطاقة الشمسية والغاز في حاسي الرمل، بإنشاء محطة هجينة لإنتاج الكهرباء تجمع بين الشمس والغاز، كما تمكنت مؤسسة سونلغاز من ربط 1000 عائلة في 20 قرية منتشرة في جنوب الجزائر بالكهرباء الشمسية بعد أن تم تزويد مساكنهم بالعتاد اللازم لاستغلال الطاقة الشمسية وقد تم التمويل لإنجاز هذا المشروع،  إن إنتاج الطاقة الشمسية للاستهلاك الوطني سيغطي حاجة الجزائر التي ترتفع سنة بعد سنة؛ كما يمكن تصديرها إلى أن عدة بلدان أوروبية لا تتوفر على كم هائل من أشعة الشمس بسبب مناخها الرطب، و قد حددت طلباتها في مجال استيراد الطاقة المتجددة، و لكن تم الاكتفاء فقط بمشاريع بسيطة.
 كما أن حسن استغلال الطاقة الشمسية في الجزائر يوفر إنتاجها ما يعادل ستين مرة حاجة البلدان الأوروبية من الطاقة الكهربائية، وأربع مرات ما يعادل حاجة العالم، وهذا لتوفر الجزائر على صحراء شاسعة، وكميات كبيرة من أشعة الشمس، ومن الواضح أن تكلفة استغلال الطاقة الشمسية أغلى بكثير من تكلفة الطاقة النافذة البترول والغاز، إلا أن الأمور ستتحسن خلال فترة 2010 و 2020 كما يجب الشروع منذ الآن في الاستغلال والعمل بجد.


  السؤال هو كيف يمكن استغلال و تحويل الاموال التي تدعم مشاريع الوقود الاحفوري الى  دعم مشاريع الطاقة المتجددة؟


  الجواب هو انه ليس بالأمر الهين لأنه تم انفاق كثير من الأموال طائلة من اجل استغلال الطاقة الأحفورية و تحويلها الى طاقة قابلة للاستعمال، و تختصر هذه الاموال في عتاد و مصانع التي تقوم بذلك، و لكن ليس أمر مستحيل او صعب اذ تم تقليل من دعم المشاريع الوقود الأحفوري، و تحويلها الى مشاريع الطاقة المتجددة بشكل تدريجي.
   وبما ان الجزائر تهتم بشدة بهذا الموضوع، و توفرها على طاقة الشمسية بكثرة فأكيد يمكنها فعل ذلك، حيث تقدّر مساحة الجزائر بأكثر من 2.3 مليون كيلومتر مربع، و تمثّل الصحراء نسبة 80% من مساحتها، ونسبة 20% من مساحة الصحراء الإفريقية. وهي تُشكّل ميزة هامة للبلاد، حيث جعلتها تتوفر على مخزون هائل من الطاقة الشمسية، يعتبر من أعلى الاحتياطات في العالم.
حيث أكدت تقارير إعلامية سعي الحكومة الجزائرية لإنجاز محطات جديدة لإنتاج الطاقة الشمسية، في إطار مخطط صادقت عليه في فبراير 2016، ويهدف هذا المخطط الخاص بإنتاج وتوزيع 4000 ميغاواط من الكهرباء، عن طريق الطاقة الشمسية، إلى تمكين البلاد من إنتاج 27% من طاقتها الكهربائية بالطاقة الشمسية.  
  وتمتلك الجزائر ثروة كبيرة من الطاقة الشمسية، حيث تستفيد من ألفين إلى ثلاثة آلاف ساعة من إطلالة الشمس، مع وجود إمكانية إنتاج 2500 كيلو وات في كل متر مربع، وفقًا لتقديرات الكثير من الخبراء، أما القدرات الشمسية الحرارية، فإنها تمثل خزانًا معتبرًا، حيث تعادل نسبة مضاعفة 10 مرات الاستهلاك الطاقوي على المستوى الدولي ،وبينت أحدث الدراسات العالمية عن الطاقة الشمسية، أن الجزائر من بين أحسن ثلاثة حقول شمسية في العالم، حيث صُنفت الجزائر وإيران ومنطقة أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر وأحسن حقول الطاقة الشمسية.
  حيث صرح وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة،  خلال وقت سابق، أن البرنامج الوطني لتطوير الطاقات المتجددة، يهدف إلى إنتاج 22 ألف ميغاواط بحلول 2030، ويتزايد اهتمام السلطات الجزائرية بمشاريع الطاقة الشمسية بسبب المخاوف من تراجع مداخيل البلاد من العملات الأجنبية، خاصة بعد انهيار أسعار النفط والغاز في السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث يشكلان 95% من صادرات الجزائر و60% من الموازنة العامة سنويًا، فضلاً عن إمكانية تنويع مصادر الدخل والتصدير إلى أوروبا مستقبلاً، فالطاقة الشمسية لا تنضب ويمكن التحكم في تكاليفها وتطوير البدائل التي تسمح باستخدام أمثل للقدرات المتاحة.





 والدافع الاقتصادي الذي يهدد البلاد في ظل انخفاض اسعار البترول، و الغاز قد يحث الجزائر في تفكير في انجاز مشاريع اكبر و اكثر لاستغلال الطاقة المتجددة، كما يتوقع خبراء، تقلص النفط الجزائري وزواله بحدود سنة 2030 كما ذكره فريق التحرير لموقع نون بوست الالكتروني،  وذكر ايضا انه بسبب تزايد الاستهلاك المحلي له، وهو ما دفع الحكومة إلى جعل اللجوء للطاقات المتجددة هدف استراتيجي.
  نهيك على الأضرار التي تسبب فيها انتاج الوقود الأحفوري من تغيرات مناخية، و احتباس الحراري و اختلال التوازن البيئي، و ثلوث المياه، و ارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكاربون، و الجفاف،  التصحر، موجات حرارية، و انتشار الامراض المزمنة، و مشاكل كثيرة يعاني منها سكان المناطق التي تقرب مصانع الوقود الأحفوري و التي تتمثل في امراض، و موت المواشي و النباتات، و الاشجار و تحول الاراضي الزراعية الى اراضي قاحلة و ارتفاع دراجة الحرارة و غيرها من المشاكل التي جعلت هؤلاء السكان يطالبون بوضع حل لإنهاء هذه الأزمة.
كل هذه الدوافع قد تجعل الجزائر تتوقف عن دعم مشاريع الوقود الأحفوري، و انتقال بشكل جدي و رسمي و توسيع نشاطها من اجل استغلال الطاقة الشميسة و طاقة الرياح لإنتاج طاقة متجددة و صديقة للإنسان والبيئة،  و هذا أمر جيد من اجل استغلال الطاقة المتجددة، و اذا تم ذلك فعلاً و بشكل كبير فيمكن الاستغناء الكلي عن دعم مشاريع الوقود الأحفوري.
 يجب على الحكومة الجزائرية أن تتخذ قرار سريع قبل تفاقم الوضع و زيادة اخطار الوقود الأحفوري، التي تنتشر بشكل كبير في مختلف مناطق البلاد، و مقابل ذلك يجب دعم مشاريع الطاقة المتجددة، و ذلك عن طريق استبدال مشاريع الموقود الأحفوري الى مشاريع الطاقة المتجددة و توفير هياكل و مرفقات لاستغلال هذه الطاقة التي نعتبرها طاقة امنة و متوفرة بشكل دائم و تكون حل جدي و فعلي لمشاكل المناخ و البيئة.


 والجزائر ليست بعيدة عن ذلك  فكانت قد انخرطت في العام 2010 في مشروع "ديزيرتيك" باعتباره الأوفر حظاً للظفر بأكبر أجزاء هذا المشروع الموزع بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بالنظر إلى مساحة أراضيها وتوغلها في عمق الصحراء، وهو مشروع ضخم تقدر كلفته بنحو 400 مليار يورو، يهدف إلى تلبية 15% من حاجات أوروبا من الكهرباء بحلول العام 2050، بالإضافة إلى جزء من حاجات شمال إفريقيا، عبر حقول الطاقة الشمسية فيها، إذ يعتمد على الطاقة الشمسية الحرارية وليس الخلايا الشمسية، ويمتدّ على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع في الصحراء الكبرى، وتحديداً بالجزائر، بهدف تزويد دول أوروبية وإفريقيا بالكهرباء، من خلال شبكة عظمى للألياف العالية التوتر تنطلق من عمق الجنوب الجزائري باتجاه وسط وجنوب إفريقيا وكذا نحو القارة الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط
  و أفاد مصدر جريدة العربي الجديد ان حسان غراف  اشار إلى أنه وخلال لقاءاته المتكررة مع مختصين ألمان جاؤوا إلى الجزائر للتباحث في مجال الطاقة، بما فيها الطاقة المتجددة، أكدوا تمسك بلادهم بمشروع "ديزيرتيك"، خصوصاً أن الجزائر كانت تسعى للحصول على ما مقداره 12 ألف ميغاوات للاستهلاك المحلي من هذا المشروع، أي ما يعادل 40% من الاستهلاك الوطني حتى نهاية العام 2030، علاوة على إنتاج 10 آلاف ميغاوات للتصدير إلى أوروبا.







  و بهذا نصل الى استنتاج هو ان الجزائر قادرة و بكل سهولة على استغلال هذه الطاقة، و تحقيق التنمية المستدامة، و ذلك فقط بالمواصلة بدعم مشاريع الطاقة المتجددة، و توقف عن دعمها لمشاريع الوقود الأحفوري تدريجيًا الى نهائيًا، و مواصلة السعي في مجال الطاقة المتجددة و انتاجها .
  نريد بيئة آمنة و وسط سليم حتى يمكننا ان نعيش بكل صحة و أمان مدام ذلك ليس مستحيلاً فيجب أن نقف جنبًا الى جنب لمطالبة بوقف مشاريع الوقود الأحفوري، و مقابل ذلك نطالب بدعم مشاريع الطاقة المتجددة و استمرار في انشاء مشاريع اكثر حتى نحافظ على بيئتنا، و محيطنا، و سلمتنا، و نحظى بمناخ جيد.
                               " معًا نحو طاقة متجددة، معًا نحوى بيئة آمنة "


شيماء منوني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق