الخميس، 29 سبتمبر 2016

توقفي يا حرب

طفلٌ يصرخ و آخر قُبضت أنفاسه الأخيرة ,  أم تبكي و  تبحث  عن فلذة كبدها وسط الأنقاض , و أخرى تحضن جثث أبنائها الأربعة , أبٌ يحبو على ركبتيه و يرفع يديه الى سماء و يدعوا الله ان يعطيه صبرًا جميلاً . و أخر لا يعرف اين يذهب هو وعائلته .
هربت الطير من الدمار و تمنى أحمد لو أن له جناجين ليطير و يهاجر مثل طيور .
صوت المؤذن اختفى و غاب صوته الخاشع عن مسمعي , لان المسجد الذي كان قرب بيتنا تهدم , و المؤذن فارق الحياة .
رائحة حساء أمي غابت عن أنفي  , لان أمي غادرت و لن تعود و حسائها اللذيذ لن يعد له وجود  .
أختي لم يتبقى لها ألعاب و ليس لنا مكان لننام , صرت اخرج كل صباح و ابحث عن خبزٍ و غداء
عمي في جبهات و عمتي تنتظر  المساعدات .
هذه ليست قصة خيالية أو رواية خرافية بل انها سوريا .
رضيع ولد في حرب و طفلة قالت بصوت عالي يسمعه الا من له قلب , قالت توقفي ياحرب .
توقفي فاني لم أعد أسمع تغريد الطيور.
توقفي فاني لم اعد ارى جمال القمر .
توقفي فاني جائعة .
توقفي فاني خائفة .
توقفي فاني اشعر بالبرد .
توقفي فاني اشتقت لمدرستي .
توقفي فاني تعبت من الركض من مكان الى مكان .
توقفي فأنكِ حرمتني من جمال طبيعتي وطني .
توقفي فانكِ سرقتي سعادتي.
توقفي فانكِ أخدتي أمي و أبي .
توقفي فانكِ دمرتي بيتي الصغير .
توقفي فانكِ حطمتي ساحتنا التي كنت العب فيها مع صديقاتي .
توقفي فانكِ نزعتي خضرة بلدي .
توقفي فانكِ امسكت نسمات الهواء النقي عني .
توقفي فانكِ ملأتي عيوني بدمار و حمرة دماء .
توقفي فانكِ أهلكتِ كل ماتمنيته في حياة .
توقفي أريد ان أعيش .
توقفي يا حرب رجاءًا .
كلمات  طفلةٍ صغيرةٍ و طلباتها بريئة تريد حياة الطفولةِ السعيدةِ .
تنادي العالم الذي لا يزال نائما و سط صرخات الأمهات , و أنين الجرحى , و صوت الانفجارات الذي يثقب الأذان .
قالت له طفلة كيف يمكنك النوم رغم كل هذه الصرخات , و الأصوات فأنا رغم تعبي لم أستطع نوم لحظة واحده ,
فواصل العالم نومه و لم يستطع الاجابة على سؤالٍ بريء تملأه الأحزان .
و صارت الطفلة تصرخ  لعله يستيقظ و يسمعها لو قليلا , حتى سئمت و تعبت و ادركت انه لا مجيب .
هذا هو واقع العالم و قصة  سوريا التي تحكي نفسها لنفسها والكل غط في نوم قبل سماعِ قصتها .
و لكني ليوم رويت جملةً واحدةً من كتابها الذي حتى الآن لايزال يطبع صفحات و صفحات جديدةٍ كل يوم .
 توقفي يا حرب
.....
شيماء منوني




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق